فصل: مقتل الأمير محمد ابن الأمير عبد الله ثم مقتل أخيه المطرف.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مقتل الأمير محمد ابن الأمير عبد الله ثم مقتل أخيه المطرف.

كان المطرف قد أكثر السعاية في أخيه محمد عند أبيهما حتى إذا تمكنت سعايته وظهر سخطه على ابنه محمد لحق حينئذ ببلد ابن حفصون ثم استأمن ورجع وبالغ المطرف في السعاية إلى أن حسه أبوه ببعض حجر القصر وخرج لبعض غزواته واستخلف ابنه المطرف على قصره فقتل أخاه في محبسه مفتاتا بذلك على أبيه وحزن الأمير عبد الله على ابنه محمد وضم ابنه عبد الرحمن إلى قصره وهو ابن يوم فربي مع ولده ثم بعث الأمير عبد الله ابنه المطرف بالصائفة سنة ثلاث وثمانين ومائتين ومعه الوزير عبد الملك بن أمية ففتك المطرف بالوزير لعداوة بينهما وسطا به أبوه الأمير عبد الله وقتله أشر قتلة ثأر فيها منه بأخيه محمد وبالوزير وعقد مكان الوزير لابنه أمية فسنح على الفقراء بأنفه وترفع على الوزراء فمقتوه وسعوا فيه عند الأمير عبد الله بأنه بايع جماعة من سماسرة الشر لأخيه هشام بن محمد ولفقت بذلك شهادات اعتمد القاضي حينئذ قبولها للساعين أن يجعلوا في الجماعة للمشهود عليهم بالبيعة بعض أعدائه فتمت الحيلة وقتل هشام أمية الوزير وذلك سنة أربع وثمانين.

.وفاة الأمير عبد الله بن محمد وولاية حافده عبد الرحمن الناصر بن محمد.

ثم توفي الأمير عبد الله في شهر ربيع الأول فمن آخر المائة الثالثة لست وعشرين سنة من إمارته وولي حافده عبد الرحمن ابن ابنه محمد قتيل أخيه المطرف وكانت ولايته من الغريب لأنه كان شابا وأعمامه وأعمام أبيه حاضرون فتصدى إليها وحازها دونهم ووجد الأندلس مضطربة فسكنها وقاتل المخالفين حتى أذعنوا واستنزل الثوار ومحا أثر ابن حفصون كبيرهم وحمل أهل طليطلة على الطاعة وكانوا معروفين بالخلاف والانتقاض واستقامت الأندلس وسائر جهاتها في نيف وعشرين سنة من أيامه ودامت أيامه نحوا من خمسين سنة استفحل فيها ملك بني أمية بتلك النواحي وهو أول من تسمى بأمير المؤمنين عندما تلاشى أمر الخلافة بالمشرق واستبد موالي الترك على بني العباس وبلغه أن المقتدر قتله مؤنس المظفر مولاه سنة سبع وعشرين وثلثمائة فتلقب بألقاب الخلفاء وكان كثير الجهاد بنفسه والغزو إلى دار الحرب إلى أن انهزم عام الخندق سنة ثلاث وعشرين وثلثماية ومحص الله المسلمين فقعد عن الغزو بنفسه وصار يردد الصوائف في كل سنة فأوطأ عساكر المسلمين من بلاد الفرنج ما لم يطأه قبل في أيام سلفه ومدت إليه أمم النصرانية من وراء الدروب يد الإذعان وأوفدوا إليه رسلهم وهداياهم من رومة والقسطنطينية في سبيل المهادنة والسلم والاحتمال فيما يعن من مرضاته ووصل إلى سدنة ملوك الجلالقة من أهل جزيرة الأندلس المتاخمين لبلاد المسلمين كجهات قشتالة وينبلونة وما إليها من الثغور الجوفية فقبلوا يده والتمسوا رضاه واحتقبوا جوائزه وامتطوا مركبه ثم سما إلى ملك العدوة فتناول سبتة من أيدي أهلها سنة سبع عشرة وأطاعه بنو إدريس أمراء العدوة وملوك زناتة البربر وأجاز إليه الكثير منهم كما نذكر في أخباره وبدء أمره لأول ولايته بتخفيف المغارم عن الرعايا واستحجب موسى بن محمد بن يحيى واستوزر عبد الملك بن جهور بن عبد الملك بن جوهر وأحمد بن عبد الملك بن سعد وأهدى له هديته المشهورة المتعددة الأصناف ذكرها ابن حيان وغيره وهي مما نقل من ضخامة الدولة الأموية واتساع أحوالها وهي خمسمائة ألف مثقال من الذهب العين وأربعمائة رطل من التبر ومصارفه خمسة وأربعون ألف دينار ومن سبائك الفضة مائتا بدرة واثنا عشر رطلا من العود الهندي يختم عليه كالشمع ومائة وثمانون رطلا من العود الصمغي المتخير ومائة رطل من العود الشبه المنقي ومائة أوقية من المسك الذكي المفضل في جنسه وخمسمائة أوقية من العنبر الأشهب المفضل في جنسه على خليقته من غير صناعة ومنها قطعة ململمة عجيبة الشكل وزن مائة أوقية وثلثمائة أوقية من الكافور المترفع الذكاء ومن اللباس ثلاثون شقة من الحرير المختم المرقوم بالذهب للباس الخلفاء مختلفة الألوان والصنائع وعشرة أفرية من عالي جلود الفنك الخراسانية وستة من السرادقات العراقية وثمان وأربعون من الملاحف البغدادية لزينة الخيل من الحرير والذهب وثلاثون شقة الغريون من الملاحف لسروج الهبات وعشرة قناطير من السمور فيها مائة جلد وأربعة آلاف رطل من الحرير المغزول وألف رطل من الحرير المنتقى للاستغزال وثلاثون بساطا من الصوف وعشر مائة منقاة مختلفة ومائة قطعة مصليات من وجوه الفرش المختلفة وخمسة عشر من نخاخ الخز المقطوع شطرها ومن السلاح والعدة ثمانمائة من تخافيف الزينة أيام البروز والمواكب وألف ترس سلطانية ومائة ألف سهم من النبال البارعة الصنعة ومن الظهر خمسة عشر فرسا من الخيل العراب المتخيرة لركاب السلطان فائقة النعوت وعشرون من بغال الركاب مسرجة ملجمة بمراكب خلافية ولجم بغال مجالس سروجها خز جعفري عراقي ومائة فرس من عتاق الخيل التي تصلح للركوب في التصرف والغزوات ومن الرقيق أربعون وصيفا وعشرون جارية متخيرات بكسوتهن وزينتهن ومن سائر الأصناف ومن الصخر سيات ما أنفق عليه في عام واحد ثمانون ألف دينار وعشرون ألف عود من الخشب من أجمل الخشب وأصلبه وأقدمه قيمته خمسون ألف دينار وعرضت الهدية على الناصر سنة سبع وعشرين فشكرها وحسن لديه موقعها.